icon icon icon icon icon EN
من أين تأتي الأشعة الكونية؟
Image not found
الثلاثاء, ١٣ شباط ٢٠١٨ ٠٢:٥٠

من أين تأتي الأشعة الكونية؟ كان هذا السؤال منذ اكتشافها يشكل لغزا كونيا كبيرا، حتى تمكن فريق علمي دولي من حل هذا اللغز وتم التعرف على مصدره، واكتشف فريق العلمي ايضا ان مصدر الاشعة الكونية يقع بعيدا جدا وخارج مجرتنا درب التبانة.

 

ففي مقالة نشرت اليوم في مجلة العلوم الامريكية Science عن طريق مرصد الاشعة الكونية بيير اوجير Pierre Auger ان الاشعة الكونية تعتمد وبشكل قاطع على توزيع المادة وبالتالي معرفة فيما إذا كانت الجسيمات الكونية قادمة من خارج مجرة ​​درب التبانة، وبمقارنة توزيع المادة مع مكان مصدر ومنبع الأشعة الكونية في الفضاء تعتبر الخطوة الأولى في تحديد المكان الذي تنشأ فيه الجسيمات خارج مجرة درب التبانة.

 

وتمكن الفريق العلمي من إجراء تسجيلات الاشعة الكونية باستخدام أكبر مرصد للأشعة الكونية Cosmic Rays على الإطلاق، وهو مرصد بيير أوجر Pierre Auger Observatory في الأرجنتين. وضم الفريق علماء كبار مثل ديفيد نيتس David Nitz وبريان فيك Brian Fick وهما أساتذة الفيزياء في جامعة ميشيغان التكنولوجية Michigan Technological University.

 

يقول كارل هاينز كامبيرت Karl-Heinz Kampert الأستاذ في جامعة فوبرتال University of Wuppertal في ألمانيا والمتحدث باسم المرصد بيير اوجير: نحن الآن أقرب إلى حل اللغز وهو أين وكيف يتم إنشاء هذه الجسيمات الاستثنائية، وهي مسألة ذات أهمية كبيرة للفريق العلمي وهم من خيرة علماء الفيزياء الفلكية، الذي يضم أكثر من 400 عالم من 18 بلدا.

 

الأشعة الكونية هي نواة العناصر من الهيدروجين إلى الحديد، ودراستها توفر للعلماء وسيلة لدراسة المادة خارج نظامنا الشمسي، والآن خارج مجرتنا. والأشعة الكونية تساعدنا على فهم تكوين المجرات والعمليات التي تحدث لتسريع النوى إلى ما يقرب من سرعة الضوء، ومن خلال دراسة الأشعة الكونية، قد يتوصل العلماء لفهم الآليات التي تخلق النوى الذرية.

 

وقال عالم الفلك الأمريكي الراحل كارل ساجان ذات مرة بان النيتروجين Nitrogen موجود في الحمض النووي DNA والكالسيوم موجود في أسناننا، والحديد موجود في دمنا، والكربون الموجود في فطائر التفاح المصنوعة من قبل البشر مصنوع في باطن وأنويه النجوم المنهارة، ونحن البشر مخلوقون من النجوم الوليدة star stuff، لذلك وببساطة، فان فهم الأشعة الكونية ومكان نشوءها يمكن أن يساعدنا على التوصل لإجابة على أسئلة أساسية حول أصول الكون ومجرتنا درب التبانة وحتى نفهم أنفسنا.

 

من النادر جدا أن تكون الأشعة الكونية ذات طاقة أكبر من وحدتي جول joules للوصول إلى الأرض؛ فإن معدل وصولهم إلى أعلى الغلاف الجوي هو فقط حوالي واحد لكل كيلومتر مربع في السنة، أي ما يعادل شعاع كوني واحد ضرب منطقة حجم ملعب لكرة القدم حوالي مرة واحدة في كل قرن.

 

والجول هي وحدة قياس الطاقة، والجول الواحد يعادل واحد من 3600 واط في الساعة، وعندما يضرب جسيم واحد من الأشعة الكونية بالغلاف الجوي للأرض، تودع تلك الطاقة في غضون بضعة ملايين من الثانية.

 

ويمكن اكتشاف هذه الجسيمات النادرة لأنها تخلق شلال من الإلكترونات والفوتونات والميونات muons من خلال تفاعلات متعاقبة مع النوى في الغلاف الجوي، وتنتشر هذه الشلالات التي تجتاح الغلاف الجوي بسرعة الضوء على هيكل يشبه القرص، مثل لوحة عشاء عملاقة، قطرها عدة كيلومترات تحتوي على أكثر من 10 مليار جسيم.

 

في مرصد بيير أوجر، يتم الكشف عن الأشعة الكونية عن طريق قياس ضوء شيرينكوف Cherenkov light وهو عبارة عن الإشعاع الكهرومغناطيسي المنبعث من الجزيئات المشحونة التي تمر عبر وسيط، مادي مثل الماء، عند سرعة أكبر من سرعة الطور في تلك الوسيلة. فريق يقيس ضوء شيرينكوف المنتج في كاشف، وهو هيكل بلاستيكي كبير يحتوي على 12 طنا من الماء، وبعضها يمكن التقاطها في عدد قليل من أجهزة الكشف وبعضها تحتاج الى 1600 جهاز للكشف عنها.

 

وتنتشر هذه الكاشفات على مساحة 3000 كيلومتر مربع بالقرب من مدينة مالارغو Malargüe في غرب الأرجنتين، وهي منطقة تشبه رود آيلاند Rhode Island من حيث الحجم، وتستخدم أوقات وصول الجسيمات عند أجهزة الكشف المقاسة مع أجهزة استقبال النظام العالمي لتحديد المواقع، لتحديد الاتجاه الذي تأتي منه الجسيمات في درجة واحدة تقريبا.

 

ومن خلال دراسة توزيع اتجاهات وصول أكثر من 30،000 من الجسيمات الكونية، وقد اكتشف علماء مرصد اوجير التباين، وهو الفرق في معدل وصول الأشعة الكونية اعتمادا على الاتجاه الذي تنظر اليه، وهذا يعني أن الأشعة الكونية لا تأتي بشكل موحد من جميع الاتجاهات؛ هناك اتجاه تكون فيه الاشعة الكونية اقوى في معدلها من الجهات الاخرى.

 

إن الاختلاف في توزيع مكان قوة الاشعة الكونية كبير وصل الى 5.2 الانحرافات المعيارية standard deviations (فرصة حوالي اثنين من عشرة ملايين) في اتجاه حيث توزيع المجرات مرتفع نسبيا، على الرغم من أن هذا الاكتشاف يشير بوضوح إلى أصل الجسيمات موجود خارج المجرة، وهنالك مصادر محددة من الأشعة الكونية لا تزال غير معروفة.

 

كما يشير الاتجاه إلى مساحة واسعة من السماء بدلا من مصادر محددة وضيقة لأنه حتى هذه الجسيمات الحيوية فيها نسبة انحراف تصل الى بضع عشرات من الدرجات في المجال المغناطيسي لمجرتنا.

 

وكانت هناك أشعة كونية لوحظت مع طاقة أعلى حتى تلك المستخدمة في دراسة فريق مرصد بيير اوجير، وبما أن انحرافات مثل هذه الجسيمات من المتوقع أن تكون أصغر بسبب الطاقة العالية، فإن اتجاهات الوصول ينبغي أن تكون أقرب إلى أماكن النشوء، وهذه الأشعة الكونية هي أكثر ندرة، ويجري تنفيذ المزيد من الدراسات لتحديد طبيعة الاجرام السماوية من خارج المجرة التي تعتبر مصدر للأشعة الكونية.

 

وسوف تساعد عملية التعرف على طبيعة الجسيمات وتحديد مصدرها، لذلك يسعى الفريق العلمي لحل هذه المعضلة الى تطوير وتحديث المرصد أوجر والذي يتوقع الانتهاء من هذه العملية العام القادم 2018 ان شاء الله.